أين أزمة المحروقات؟ وماذا عن سعر صرف الدولار، الذي عاد فجأة ليتأمن في لبنان، والذي ينخفض تدريجيا على وقع كارثة المرفأ، أو عبر حصول اللبنانيين على الدولار من شركات التحويل؟، ماذا عن الإحتكارات في كل القطاعات؟ وأين أزمة مولدات الكهرباء،وهل فعلا غطّت الكارثة الجديدة على ما عداها من كوارث في لبنان؟.
تُشير مصادر مالية مطّلعة الى أن ارتفاع سعر صرف الدولار في لبنان نتج عن عدّة أسباب منها الخوف، اذ تهافت اللبنانيون على شرائه وتخزينه في المنازل، الأمر الذي جعله يحلّق الى حدود الـ10 آلاف ليرة لبنانية، مشددة عبر "النشرة" على أن السبب نفسه هو ما يجعله ينخفض اليوم، اذ أن خوف اللبنانيين من انخفاض سعره بعد انفجار مرفأ بيروت، والتوقعات بوصول مساعدات الى لبنان، جعلتهم يبيعون الدولار، ما أدى لانخفاض سعره.
من جهته يؤكد الخبير الاقتصادي وليد بو سليمان، أن حجم الكارثة التي وقعت في مرفأ بيروت يغطي على كل باقي الكوارث، ولكن هذا لا يعني اختفاء المصائب الأخرى، كارتفاع سعر صرف الدولار، وتوفره في السوق، والارهاق الذي أصاب احتياطي مصرف لبنان، أو أزمة المحروقات، أو ملف فايروس كورونا، مشيرا عبر "النشرة" الى أن سبب انخفاض سعر صرف الدولار هو اقتراب دخوله الى لبنان لأجل المساعدات الإنسانية.
ويضيف: "لن يدخل الدولار الى البلد بالطرق التقليدية والوسائل الكلاسيكية، أي عبر تحويلات المغتربين، أو عمليات التصدير، أو استثمارات مباشرة، بل سيكون عبر مساعدات من الخارج، تصل الى منظمات دولية في لبنان، أو مؤسسات غير حكومية، لاجل توزيعها، وقد تصل الى حوالي نصف مليار دولار، وهو ما سيُريح السوق نوعا ما لانه سيخلق دورة اقتصادية"، مشددا في نفس الوقت على أن هذا الحل لن يكون طويل المدى، بل هو أمر مرحليّ قد ينتهي بعد أشهر قليلة لنعود الى المشكلة السابقة.
ويرى بو سليمان الى أن من أسباب انخفاض سعر صرف الدولار اليوم، القرار بتسليم المحول من الخارج عبر شركات التحويل الى الناس، كما هو، والسبب ببساطة هو اكتشاف حجم الخطأ الذي وقع به مصرف لبنان عندما اتّخذ قراره بتسليم التحويلات بالليرة، الّتي انخفضت من حوالي 9 مليون دولار يوميا الى حوالي مليون ونصف المليون في اليوم.
تعتبر المصادر المالية أن ما يشهده سوق الدولار اليوم لن يستمر اذا لم تتغير المعطيات التي تسببت بما يجري، مشيرة الى أن السياسة تلعب دورها في الأزمة الاقتصادية من دون أدنى شك، ولكنها ليست كل شيء، فالازمات لا تزال موجودة، وبحال انتعش مثلا سوق المحروقات قبل الانفجار بيومين، فهذا لا يعني أن السوق لن يشهد أزمة مستقبلا، بسبب الشح في الدولارات في مصرف لبنان، مشددة على أن الحل بالسياسة أولا، لتأمين الأرضية الصالحة للحلول الاقتصادية.
بدّل انفجار مرفأ بيروت الاولويات، ولكن الأزمات لا تزال فوق رؤوس اللبنانيين، فإلى متى سيظل هذا الشعب صامدا؟!.